منتدي الملاك الطـــــــاهــــــــــر
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم 13401711
منتدي الملاك الطـــــــاهــــــــــر
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم 13401711
منتدي الملاك الطـــــــاهــــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسلامى ثقافى اجتماعى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» الرقيه الشرعيه لعلاج السحر والعين والحسد والخوف والاكتئاب والوسواس للمعيقلى
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالسبت 05 سبتمبر 2020, 5:45 pm من طرف نورالقمر

» خطبة عرفات للدكتور محمد حسان
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 10:59 am من طرف قاهرة الاحزان

» السبيل الى النجاه للبشريه كلها
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 10:56 am من طرف دموع الليل الحزين

» هلى تعرف قدر النبى صلى الله عليه وسلم
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 10:50 am من طرف نورالقمر

» اجت ال2017 الحلم المفقود
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 8:29 pm من طرف دموع الليل الحزين

» فلسطين فى القلب اجت ال 2018
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف نورالقمر

» ابناء وبنات
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 5:23 pm من طرف نورالامل

» طريقة حساب المواريث
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 5:13 pm من طرف قاهرة الاحزان

»  الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 4:59 pm من طرف دموع الليل الحزين

» مجموعة أدعيه مختاره
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 08 يوليو 2020, 4:42 pm من طرف نورالقمر

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

 

 قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن
مشرف
مشرف
عبد الرحمن


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671
أوسمة العضو الحضور المتميز
ذكر

عدد المساهمات : 2504
نقاط : 7590
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
العمر : 29
الموقع : مصر الشرقيه

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأحد 26 فبراير 2012, 10:08 pm

[color=green]
[size=24][center][i][b]السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذي قصص اولي العزم من الانبياء
التي جمعتها من عدة مواقع وقد عانيت من اجل ان يستفيد الجميع
فارجوا ان لا تفوتوه
قصة نوح عليه السلام
نبذة:

كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين.



--------------------------------------------------------------------------------

سيرته:

حال الناس قبل بعثة نوح:

قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا). بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.

إرسال نوح عليه السلام:

كان نوح كان على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل.

تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.

في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل.

هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة. قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.

واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده. أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.

كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه. وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.

قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه. أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.

وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم، الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا.

وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.

وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:

قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.

وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

برر نوح دعوته بقوله:

إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)

الطوفان:

ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر الله تعالى أمره إلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع ما زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلف المفسرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي عملت فيه، ومقدار طولها، وعرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء. وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني، لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا. نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثنا الله به. تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم.

بدأ نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.

انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة.

وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به، وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساق جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا.

لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.

ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.

ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه. ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء
عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ

وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ


انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق. كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار، ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.

استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفان الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه، وقيل كان ذلك يوم عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد، آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى في سورة (هود):

وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:

يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.

وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض.

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان.

قصة ابراهيم عليه السلام
نبذة:

هو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل.



--------------------------------------------------------------------------------

سيرته:

منزلة إبراهيم عليه السلام:

هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدة الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء بالإحسان.

وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.

وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس. وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.

ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.

يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا.

حال المشركين قبل بعثة إبراهيم:

لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة، ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:

فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.

وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.

وفئة تعبد الملوك والحكام.

نشأة إبراهيم عليه السلام:

وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.

رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة.

من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار.

مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟!

مواجهة عبدة الكواكب والنجوم:

قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر.. يظهر ويختفي. فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم.

استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال:

أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام)

لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟

بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة.

سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية.


مواجهة عبدة الأصنام:

خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم غاضب وغيرة على الحق:

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) (الأنبياء)

انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو عمه الذي رباه كأب.. واشتبك الأب والابن في الصراع. فصلت بينهما المبادئ فاختلفا.. الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل.

قال الأب لابنه: مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم.. لقد خذلتني وأسأت إلي.

قال إبراهيم:

يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) (مريم)

انتفض الأب واقفا وهو يرتعش من الغضب. قال لإبراهيم وهو ثائر إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك، سأقتلك ضربا بالحجارة. هذا جزاء من يقف ضد الآلهة.. اخرج من بيتي.. لا أريد أن أراك.. اخرج.

انتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته. كما أسفر عن تهديده بالقتل رميا بالحجارة. رغم ذلك تصرف إبراهيم كابن بار ونبي كريم. خاطب أباه بأدب الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل:

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا (4 (مريم)

وخرج إبراهيم من بيت أبيه. هجر قومه وما يعبدون من دون الله. وقرر في نفسه أمرا. كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر، وينصرف الناس جميعا إليه. وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينة التي يعيش فيها من الناس.

وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد. كانت الشوارع المؤدية إلى المعبد خالية. وكان المعبد نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال. دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة. نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم: (أَلَا تَأْكُلُونَ) كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد يسأل التماثيل: (مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة.

وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم (لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم.

إلا أن قوم إبراهيم الذين عطّلت الخرافة عقولهم عن التفكير، وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل والتدبر. لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن تدفع عن أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟! وبدلا من ذلك (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ).

عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!

فأحضروا إبراهيم عليه السلام، وتجمّع الناس، وسألوه (أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ)؟ فأجابهم إبراهيم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية هذه كذبة من إبراهيم -عليه السلام- والبحث عن تعليلها بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر أيسر من هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن كنت أنا أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا. فهي جماد لا إدراك له أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلا تعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي حطمها!

ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا، وردهم إلى شيء من التدبر التفكر:

فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) (الأنبياء)

وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم. وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم، وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون. ولكنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبها الظلام، وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود:

ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) (الأنبياء)

وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب.. كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟

ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور الحليم. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم:

قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) (الأنبياء)

وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدرن وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف.

عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ:

قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (6 (الأنبياء)

نجاة إبراهيم عليه السلام من النار:

وفعلا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم. انتشر النبأ في المملكة كلها. وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة. وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشب والأشجار. وأشعلوا فيها النار. وأحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة ليقذفوا إبراهيم فيها فيسقط في حفرة النار.. ووضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق. واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء. وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة. وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.

جاء جبريل عليه السلام ووقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟

قال إبراهيم: أما إليك فلا.

انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار. كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق. فقد أصدر الله جل جلاله إلى النار أمره بأن تكون (بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ). أحرقت النار قيوده فقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة. كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده. لم يكن في قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئ بالخوف أو الرهبة أو الجزع. كان القلب مليئا بالحب وحده. ومات الخوف. وتلاشت الرهبة. واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو.

جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد. كانت حرارتها تصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها. وظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا. فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل. ووجهه يتلألأ بالنور والجلال. وثيابه كما هي لم تحترق. وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق.

خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة. وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة. خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة.

وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) (الأنبياء)

لا يحدثنا القرآن الكريم عن عمر إبراهيم حين حطم أصنام قومه، لا يحدثنا عن السن التي كلف فيها بالدعوة إلى الله. ويبدو من استقراء النصوص القديمة أن إبراهيم كان شابا صغيرا حين فعل ذلك، بدليل قول قومه عنه: (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ). وكلمة الفتى تطلق على السن التي تسبق العشرين.

مواجهة عبدة الملوك:

إن زمن اصطفاء الله تعالى لإبراهيم غير محدد في القرآن. وبالتالي فنحن لا نستطيع أن نقطع فيه بجواب نهائي. كل ما نستطيع أن نقطع فيه برأي، أن إبراهيم أقام الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم، ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم.. وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين.

فذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه. وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته، لكن روي أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق. كما تجاوز حقيقة مشاعره، كما تجاوز الحوار الطويل الذي دار بين إبراهيم وبينه. لكن الله تعالى في كتابه الحكيم أخبرنا الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية، فقال إبراهيم بهدوء: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ)

قال الملك: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا يسير في الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت.

لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول. غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)

استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهت الملك. أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب. لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب.. إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها. ولو كان الملك صادقا في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا يقول، ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك، بعد أن بهت الذي كفر.

هجرة إبراهيم عليه السلام:

انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها. تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار، وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف أخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول. واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى. بذل جهده ليهدي قومه، حاول إقناعهم بكل الوسائل، ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه، ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة ورجل واحد. امرأة تسمى سارة، وقد صارت فيما بعد زوجته، ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فيما بعد. وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته. قرر الهجرة.

قبل أن يهاجر، دعا والده للإيمان، ثم تبين لإبراهيم أن والده عدو لله، وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته به.

للمرة الثانية في قصص الأنبياء نصادف هذه المفاجأة. في قصة نوح كان الأب نبيا والابن كافرا، وفي قصة إبراهيم كان الأب كافرا والابن نبيا، وفي القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو الله رغم كونه ابنه أو والده، وكأن الله يفهمنا من خلال القصة أن العلاقة الوحيدة التي ينبغي أن تقوم عليها الروابط بين الناس، هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد والدم.

خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته. سافر إلى مدينة تدعى أور. ومدينة تسمى حاران. ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته، المرأة الوحيدة التي آمنت به. وصحب معه لوطا.. الرجل الوحيد الذي آمن به.

بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر. وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها، كان يدعو الناس إلى عبادة الله، ويحارب في سبيله، ويخدم الضعفاء والفقراء، ويعدل بين الناس، ويهديهم إلى الحقيقة والحق.

وتأتي بعض الروايات لتبين قصة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وموقفهما مع ملك مصر. فتقول:

وصلت الأخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه أمرأة هي أجمل نساء الأرض. فطمع بها. وأرسل جنوده ليأتونه بهذه المرأة. وأمرهم بأن يسألوا عن الرجل الذي معها، فإن كان زوجها فليقتلوه. فجاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بذلك. فقال إبراهيم -عليه السلام- لسارة إن سألوك عني فأنت أختي -أي أخته في الله-، وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن غيري وغيرك -فكل أهل مصر كفرة، ليس فيها موحد لله عز وجل. فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.

لنقف هنا قليلا.. قال إبراهيم حينما قال لقومه (إني سقيم) و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي). كلها كلمات تحتمل التاويل. لكن مع هذا كان إبراهيم عليه السلام خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمة. فعندما يذهب البشر له يوقم القيامة ليدعوا الله أن يبدأ الحساب يقول لهم لا إني كذب على ربي ثلاث مرات.

ونجد أن البشر الآن يكذبون أمام الناس من غير استحياء ولا خوف من خالقهم.

لما عرفت سارة أن ملك مصر فاجر ويريدها له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر.

فلما أدخلوها عليه. مد يده إليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده في مكانها، فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها، وجاء أعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء. فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك. فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به. فاستجاب الله لدعائها.

لكن الملك لم يتب وظن أن ما حدث كان أمرا عابرا وذهب. فهجم عليها مرة أخرى. فشلّ مرة ثانية. فقال: فكيني. فدعت الله تعالى فَفَكّه. فمد يده ثالثة فشلّ. فقال: فكيني وأطلقك وأكرمك. فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك. فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان.

فأطلقها وأعطاها شيئا من الذهب، كما أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".

هذه الرواية مشهورة عن دخول إبراهيم -عليه السلام- لمصر.

وكانت زوجته سارة لا تلد. وكان ملك مصر قد أهداها سيدة مصرية لتكون في خدمتها، وكان إبراهيم قد صار شيخا، وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه في الدعوة إلى الله، وفكرت سارة إنها وإبراهيم وحيدان، وهي لا تنجب أولادا، ماذا لو قدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة لزوجها؟ وكان اسم المصرية "هاجر". وهكذا زوجت سارة سيدنا إبراهيم من هاجر، وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده عليه اسم "إسماعيل". كان إبراهيم شيخا حين ولدت له هاجر أول أبنائه إسماعيل.

ولسنا نعرف أبعاد المسافات التي قطعها إبراهيم في رحلته إلى الله. كان دائما هو المسافر إلى الله. سواء استقر به المقام في بيته أو حملته خطواته سائحا في الأرض. مسافر إلى الله يعلم إنها أيام على الأرض وبعدها يجيء الموت ثم ينفخ في الصور وتقوم قيامة الأموات ويقع البعث.

إحياء الموتى:

ملأ اليوم الآخر قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين. وأراد أن يرى يوما كيف يحيي الله عز وجل الموتى. حكى الله هذا الموقف في سورة (البقرة).. قال تعالى:

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

لا تكون هذه الرغبة في طمأنينة القلب مع الإيمان إلا درجة من درجات الحب لله.

قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

فعل إبراهيم ما أمره به الله. ذبح أربعة من الطير وفرق أجزاءها على الجبال. ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه، وبحثت الصدور عن رؤوسها، وتطايرت أجزاء الطير مندفعة نحو الالتحام، والتقت الضلوع بالقلوب، وسارعت الأجزاء الذبيحة للالتئام، ودبت الحياة في الطير، وجاءت طائرة مسرعة ترمي بنفسها في أحضان إبراهيم. اعتقد بعض المفسرين إن هذه التجربة كانت حب استطلاع من إبراهيم. واعتقد بعضهم أنه أراد أن يرى يد ذي الجلال الخالق وهي تعمل، فلم ير الأسلوب وإن رأى النتيجة. واعتقد بعض المفسرين أنه اكتفى بما قاله له الله ولم يذبح الطير. ونعتقد أن هذه التجربة كانت درجة من درجات الحب قطعها المسافر إلى الله. إبراهيم.

رحلة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل لوادي مكة:

استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة. وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما إسماعيل. وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد. وظل إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة تأتي بعدها صحراء تجيء بعدها جبال. حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية، وقصد إبراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا شراب. كان الوادي يخلو تماما من علامات الحياة. وصل إبراهيم إلى الوادي، وهبط من فوق ظهر دابته. وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.

أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟

لم يرد عليها سيدنا إبراهيم. ظل يسير. عادت تقول له ما قالته وهو صامت. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه. أدركت أن الله أمره بذلك وسألته: هل الله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم.

قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا. وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ).

لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك حكمة عليا في هذه التصرفات الغامضة، فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه في هذا المكان، كان هذا الطفل هو الذي سيصير مسؤولا مع والده عن بناء الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضي أن يمتد العمران إلى هذا الوادي، وأن يقام فيه بيت الله الذي نتجه جميعا إليه أثناء الصلاة بوجوهنا.

ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد راجعا إلى كفاحه في دعوة الله. أرضعت أم إسماعيل ابنها وأحست بالعطش. كانت الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس بالعطش. بعد يومين انتهى الماء تماما، وجف لبن الأم. وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.. كان الطعام قد انتهى هو الآخر. وبدا الموقف صعبا وحرجا للغاية.

ماء زمزم:

بدأ إسماعيل يبكي من العطش. وتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا". فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو إنسان أو قافلة. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين. سبع مرات وهي تذهب وتعود. ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث. وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بح من البكاء والعطش.

وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم. وفار الماء من البئر. أنقذت حياتا الطفل والأم. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.

وب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عصفورة الجنه
مشرف
مشرف
عصفورة الجنه


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671
أوسمة العضو وسام التميز
انثى

عدد المساهمات : 2509
نقاط : 7353
تاريخ التسجيل : 14/06/2011
العمر : 27
الموقع : ميت حمل - بلبيس - شرقيه

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالثلاثاء 28 فبراير 2012, 7:59 pm

0000
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الرحمن
مشرف
مشرف
عبد الرحمن


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671
أوسمة العضو الحضور المتميز
ذكر

عدد المساهمات : 2504
نقاط : 7590
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
العمر : 29
الموقع : مصر الشرقيه

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالخميس 01 مارس 2012, 10:09 pm

مشكوووووووور على المرور
مشكووووووور على المرور
مشكوووووور على المرور
مشكووووور على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عصفورة المنتدى

عصفورة المنتدى


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671

أوسمة العضو وسام العضو النشيط
انثى

عدد المساهمات : 832
نقاط : 5785
تاريخ التسجيل : 19/02/2011
العمر : 23
الموقع : ميت حمل

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالأربعاء 07 مارس 2012, 3:03 pm

جزاك اله كل خير
وجعله فى ميذان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Islam Elahmady
المديرون
المديرون
Islam Elahmady


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671
أوسمة العضو الادارة
ذكر

عدد المساهمات : 1242
نقاط : 7072
تاريخ التسجيل : 09/08/2009
العمر : 33
الموقع : طـــــــــــــــــنطــــــــا

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالسبت 17 مارس 2012, 6:17 pm

جزاك الله الجنة وجعله فى ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mbcm.malware-site.www
عبد الرحمن
مشرف
مشرف
عبد الرحمن


قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Jb12915568671
أوسمة العضو الحضور المتميز
ذكر

عدد المساهمات : 2504
نقاط : 7590
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
العمر : 29
الموقع : مصر الشرقيه

قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم   قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012, 8:30 pm

اشكركم اخوتى على مروركم العطر
جعله الله فى ميزان حسناتنا اجمعين
اللهم امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة اولى العزم من الرسل لا تفتكم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القم الثانى من اولى العزم من الرسل
» احاديث قدسية رائعة لا تفتكم
» موقف الرسل يوم القيامة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي الملاك الطـــــــاهــــــــــر :: ¯−ـ‗ऊ_»ऋँملاك الثقافةऋँ«_ऊ‗ـ−¯ :: قصة ورواية إجتماعية-
انتقل الى: